فصل: تفسير الآية رقم (41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (59):

{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا إِطْلَاقُ اسْمِ الْحَدِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الطُّورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} الْآيَةَ [52/ 34].

.سُورَةُ الْقَمَرِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

.تفسير الآيات (10-12):

{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النَّحْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا}. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}. قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ يس فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [36/ 51]، وَفِي سُورَةِ ق فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} [50/ 44].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [25/ 24]، وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [22/ 47].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}.
قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ ابْنُ عَامِرٍ: فَفَتَحْنَا بِتَشْدِيدِ التَّاءِ لِلتَّكْثِيرِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِتَخْفِيفِهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ- جَلَّ وَعَلَا- فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ نَبِيَّهُ نُوحًا دَعَاهُ قَائِلًا: إِنَّ قَوْمَهُ غَلَبُوهُ سَائِلًا رَبَّهُ أَنْ يَنْتَصِرَ لَهُ مِنْهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَهُ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمْ بِالْغَرَقِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى فَتَحَ أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَيْ مُتَدَفِّقٍ مُنْصَبٍّ بِكَثْرَةٍ وَأَنَّهُ تَعَالَى فَجَّرَ الْأَرْضَ عُيُونًا.
وَقَوْلُهُ: {عُيُونًا} تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ الْمَفْعُولِ، وَالْأَصْلُ فَجَّرْنَا عُيُونَ الْأَرْضِ. وَالتَّفْجِيرُ: إِخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْهَا بِكَثْرَةٍ، وَأَلْ فِي قَوْلِهِ: فَالْتَقَى الْمَاءُ لِلْجِنْسِ، وَمَعْنَاهُ الْتَقَى مَاءُ السَّمَاءِ وَمَاءُ الْأَرْضِ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، أَيْ قَدَّرَهُ اللَّهُ وَقَضَاهُ.
وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ النَّازِلَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْمُتَفَجِّرَ مِنَ الْأَرْضِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ بِمِقْدَارٍ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ دُعَاءِ نُوحٍ رَبَّهُ- جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يَنْتَصِرَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَيَنْتَقِمَ مِنْهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ أَجَابَهُ فَانْتَصَرَ لَهُ مِنْهُمْ فَأَهْلَكَهُمْ جَمِيعًا بِالْغَرَقِ فِي هَذَا الْمَاءِ الْمُتَلَقَّى مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ- جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاءِ: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [21/ 76- 77].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الصَّافَّاتِ: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [37/ 75- 82].
وَقَدْ بَيَّنَ- جَلَّ وَعَلَا- أَنَّ دُعَاءَ نُوحٍ فِيهِ سُؤَالُهُ اللَّهَ أَنْ يُهْلِكَهُمْ إِهْلَاكًا مُسْتَأْصِلًا. وَتِلْكَ الْآيَاتُ فِيهَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ هُنَا: فَانْتَصِرْ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [71/ 26- 27]، وَمَا دَعَا نُوحٌ عَلَى قَوْمِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنِ أوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرَ الْقَلِيلِ الَّذِي آمَنَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [11/ 36]، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [11/ 40].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {عُيُونًا} قَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ ذِكْوَانَ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: {عِيُونًا} بِكَسْرِ الْعَيْنِ لِمُجَانِسَةِ الْيَاءِ.
وَقَرَأَهُ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةِ هُشَامٍ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ: {عُيُونًا} بِضَمِّ الْعَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ}.
لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا ذَاتَ الْأَلْوَاحِ وَالدُّسُرِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّ الْمُرَادَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى سَفِينَةٍ ذَاتِ أَلْوَاحٍ، أَيْ مِنَ الْخَشَبِ وَدُسُرٍ: أَيْ مَسَامِيرَ تَرْبِطُ بَعْضَ الْخَشَبِ بِبَعْضٍ، وَوَاحِدُ الدُّسُرِ دِسَارٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَبَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الدُّسُورُ الْخُيُوطُ الَّتِي تُشَدُّ بِهَا أَلْوَاحُ السَّفِينَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الدُّسُورُ جُؤْجُؤُ السَّفِينَةِ أَيْ صَدْرُهَا وَمُقَدَّمُهَا الَّذِي تَدْسُرُ بِهِ الْمَاءَ أَيْ تَدْفَعُهُ وَتَمْخُرُهُ بِهِ، قَالُوا: هُوَ مِنَ الدَّسْرِ وَهُوَ الدَّفْعُ.
فَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ ذَاتَ الْأَلْوَاحِ وَالدُّسُرِ السَّفِينَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [69/ 11]، أَيِ السَّفِينَةِ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي سُورَةِ الشُّورَى فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [42/ 32].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [29/ 15]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [36/ 41]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَرَكْنَاهَا} قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى هَذِهِ الْفِعْلَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي فَعَلَ بِقَوْمِ نُوحٍ.
وَالْمَعْنَى: وَلَقَدْ تَرَكْنَا فِعْلَتَنَا بِقَوْمِ نُوحٍ وَإِهْلَاكَنَا لَهُمْ آيَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ، لِيَنْزَجِرُوا وَيَكُفُّوا عَنْ تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، لِئَلَّا نَفْعَلَ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلْنَا بِقَوْمِ نُوحٍ، وَكَوْنُ هَذِهِ الْفِعْلَةِ آيَةً- نَصَّ عَلَيْهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً} [25/ 37]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [26/ 119- 121].
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الضَّمِيرُ فِي تَرَكْنَاهَا عَائِدٌ إِلَى السَّفِينَةِ، وَكَوْنُ سَفِينَةِ نُوحٍ آيَةً بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [29/ 15]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [36/ 41- 42].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي سُورَةِ الْقِتَالِ فِي كَلَامِنَا الطَّوِيلِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [47/ 24].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ، وَكَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي يَوْمِ النَّحْسِ الْمُسْتَمِرِّ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [41/ 16].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ}. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا}.
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُمَا فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [38/ 4]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} الْآيَةَ [38/ 8].

.تفسير الآية رقم (27):

{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ}.
قَوْلُهُ: {مُرْسِلُو النَّاقَةِ} أَيْ: مُخْرِجُوهَا مِنَ الْهَضَبَةِ، فِتْنَةً لَهُمْ أَيِ ابْتِلَاءً وَاخْتِبَارًا، وَهُوَ مَفْعُولٌ مِنْ أجْلِهِ، لِأَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا عَلَى صَالِحٍ إِخْرَاجَ نَاقَةٍ مِنْ صَخْرَةٍ، وَأَنَّهَا إِنْ خَرَجَتْ لَهُمْ مِنْهَا آمَنُوا بِهِ وَاتَّبَعُوهُ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ النَّاقَةَ مِنْ تِلْكَ الصَّخْرَةِ مُعْجِزَةً لِصَالِحٍ، وَفِتْنَةً لَهُمْ أَيِ ابْتِلَاءً وَاخْتِبَارًا، وَذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ النَّاقَةَ مُعْجِزَةٌ عَايَنُوهَا، وَأَنَّ اللَّهَ حَذَّرَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَالِحٍ مِنْ أَنْ يَمَسُّوهَا بِسُوءٍ وَأَنَّهُمْ إِنْ تَعَرَّضُوا لَهَا بِأَذًى أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِهِ.
وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: إِنْ أَخْرَجْتَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ نَاقَةً وَبْرَاءَ عُشَرَاءَ اتَّبَعْنَاكَ.
وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ لَهُمْ هَذِهِ النَّاقَةَ امْتِحَانًا وَاخْتِبَارًا، وَأَنَّهُمْ إِنْ تَعَرَّضُوا لِآيَةِ اللَّهِ هَذِهِ، الَّتِي هِيَ النَّاقَةُ بِسُوءٍ أَهْلَكَهُمْ- جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ:
{قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [7/ 73]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودٍ عَنْ صَالِحٍ: {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [11/ 64- 65]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الشُّعَرَاءِ: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [26/ 155- 156].
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ عَقَرُوا النَّاقَةَ فَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ الْمُسْتَأْصِلُ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْأَعْرَافِ: فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [7/ 77- 78]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} [26/ 157- 158]، وَقَوْلِهِ: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ} الْآيَةَ [91/ 14].
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا غَايَةَ الْإِيضَاحِ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} الْآيَةَ [41/ 17].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} أَيْ أَخْبِرْ يَا صَالِحُ ثَمُودَ أَنَّ الْمَاءَ وَهُوَ مَاءُ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْهَا النَّاقَةُ- قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ، فَيَوْمٌ لِلنَّاقَةِ وَيَوْمٌ لِثَمُودَ، فَقَوْلُهُ: بَيْنَهُمْ: أَيْ بَيْنِ النَّاقَةِ وَثَمُودَ، وَغَلَّبَ الْعُقَلَاءَ عَلَى النَّاقَةِ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ أَيْ يَحْضُرُهُ صَاحِبُهُ، فَتَحْضُرُ النَّاقَةُ شِرْبَ يَوْمِهَا وَتَحْضُرُ ثَمُودُ شِرْبَ يَوْمِهَا.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الشُّعَرَاءِ: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [26/ 155]، وَشِرْبُ النَّاقَةِ هُوَ الَّذِي حَذَّرَهُمْ مِنْهُ صَالِحٌ لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [91/ 13].

.تفسير الآية رقم (29):

{فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ}.
قَوْلُهُ: {فَتَعَاطَى} قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ: فَتَعَاطَى هُوَ مُطَاوِعُ عَاطَى، وَكَأَنَّ هَذِهِ الْفِعْلَةَ تَدَافَعَهَا النَّاسُ وَعَاطَاهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَتَعَاطَاهَا قَدَارُ وَتَنَاوُلَ الْعَقْرَ بِيَدِهِ. انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَعَاطَى كَذَا إِذَا فَعَلَهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ، وَعَاطَاهُ إِذَا تَنَاوَلَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
كِلْتَاهُمَا حَلَبَ الْعَصِيرَ فَعَاطَنِي ** بِزُجَاجَةٍ أَرْخَاهُمَا لِلْمَفْصَلِ

وَقَوْلُهُ: {فَعَقَرَ} أَيْ تَعَاطَى عَقْرَ النَّاقَةِ فَعَقَرَهَا، فَمَفْعُولَا الْفِعْلَيْنِ مَحْذُوفَانِ تَقْدِيرُهُمَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَعَبَّرَ عَنْ عَاقِرِ النَّاقَةِ هُنَا بِأَنَّهُ صَاحِبُهُمْ، وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الشَّمْسِ بِأَنَّهُ أَشْقَاهُمْ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [91/ 14].
وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُشِيرُ إِلَى إِزَالَةِ إِشْكَالٍ مَعْرُوفٍ فِي الْآيَةِ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا نَسَبَ الْعَقْرَ لِوَاحِدٍ لَا لِجَمَاعَةٍ، لِأَنَّهُ قَالَ: فَتَعَاطَى فَعَقَرَ بِالْإِفْرَادِ مَعَ أَنَّهُ أَسْنَدَ عَقْرَ النَّاقَةِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ إِلَى ثَمُودَ كُلِّهِمْ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} الْآيَةَ [7/ 77]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هُودٍ: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [11/ 65]، وَقَوْلِهِ فِي الشُّعَرَاءِ: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} [26/ 157]، وَقَوْلِهِ فِي الشَّمْسِ: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [91/ 14].
وَوَجْهُ إِشَارَةِ الْآيَةِ إِلَى إِزَالَةِ هَذَا الْإِشْكَالِ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمُودَ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى عَقْرِ النَّاقَةِ، فَنَادَوْا وَاحِدًا مِنْهُمْ لِيُنَفِّذَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَنِيَابَةً عَنْ غَيْرِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَمَالِئِينَ عَلَى الْعَقْرِ كُلُّهُمْ عَاقِرُونَ، وَصَحَّتْ نِسْبَةُ الْعَقْرِ إِلَى الْمُنَفِّذِ الْمُبَاشِرِ لِلْعَقْرِ، وَصَحَّتْ نِسْبَتُهُ أَيْضًا إِلَى الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ تَعَاطِي الْعَقْرِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَتَعَاطَى فَعَقَرَ عَلَى نِدَائِهِمْ صَاحِبِهِمْ لِيَنُوبَ عَنْهُمْ فِي مُبَاشَرَةِ الْعَقْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ} أَيْ نَادَوْهُ لِيَعْقِرَهَا.
وَجَمَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ إِطْلَاقَ الْمَجْمُوعِ مُرَادًا بِهِ بَعْضُهُ- أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَشْهُورٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ الْحُجُرَاتِ أَنَّ مِنْهُ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [2/ 191]
بِصِيغَةِ الْمُجَرَّدِ فِي الْفِعْلَيْنِ، لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ وَمَاتَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ، بَلِ الْمُرَادُ فِي إِنْ قَتَلُوا بَعْضَكُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ بَعْضُكُمُ الْآخَرُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ ابْنِ مُطِيعٍ:
فَإِنْ تَقْتُلُونَا عِنْدَ حَرَّةِ وَاقِمٍ فَإِنَّا عَلَى الْإِسْلَامِ أَوَّلُ مَنْ قَتَلَ أَيْ فَإِنْ تَقْتُلُوا بَعْضَنَا، وَإِنَّ مِنْهُ أَيْضًا: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [49/ 14]، لِأَنَّ هَذَا فِي بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إِلَى قَوْلِهِ: {سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [9/ 99].
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْحُجُرَاتِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مِنْ أَصْرَحِ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فَسَيْفُ بَنِي عَبْسٍ وَقَدْ ضَرَبُوا بِهِ ** نَبَا بِيَدَيْ وَرْقَاءَ عَنْ رَأْسِ خَالِدٍ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعَقَرَ}: أَيْ قَتَلَهَا، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْعَقْرَ عَلَى الْقَتْلِ وَالنَّحْرِ وَالْجَرْحِ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا ** عَقَرْتَ بِعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلِ

وَمِنْ إِطْلَاقِ الْعَقْرِ عَلَى نَحْرِ الْإِبِلِ لِقِرَى الضَّيْفِ- قَوْلُ جَرِيرٍ:
تَعُدُّونَ عَقْرَ الذِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ ** بَنِي ضُوطَرَى لَوْلَا الْكَمِيَّ الْمُقَنَّعَا

.تفسير الآية رقم (34):

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً}.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ بِكَثْرَةٍ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [41/ 17].
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}.
قَوْلُهُ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا}: قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [25/ 40]، وَقَوْلِهِ: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ إِيضَاحًا شَافِيًا بِكَثْرَةٍ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ إِيضَاحَ قِصَّةِ لُوطٍ وَقَوْمِهِ فِي سُورَةِ هُودٍ وَسُورَةِ الْحِجْرِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّورَتَيْنِ.

.تفسير الآية رقم (41):

{وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41)}:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}. تَضَمَّنَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ جَاءَتْهُمُ النُّذُرُ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ أَخَذَهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا جَاءَتْ مُوَضَّحَةً فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهَا وَهُوَ أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ جَاءَهُمُ النُّذُرُ، فَقَدْ أَوْضَحَهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ.
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ قَوْلَهُ: جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ، قِيلَ: هُوَ جَمْعُ نَذِيرٍ وَهُوَ الرَّسُولُ، وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، فَعَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ فَقَدْ بَيَّنَتِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ بِكَثْرَةٍ أَنَّ الَّذِي جَاءَهُمْ بِذَلِكَ الْإِنْذَارِ هُوَ مُوسَى وَهَارُونُ. وَعَلَى أَنَّهُ جَمْعُ نَذِيرٍ أَيْ مُنْذِرٍ، فَالْمُرَادُ بِهِ مُوسَى وَهَارُونُ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ إِرْسَالُ مُوسَى وَهَارُونَ لِفِرْعَوْنَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي طه: {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ} [20/ 47].
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى إِنْذَارَهُمَا لَهُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [20/ 48]، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرْسَلَ لِفِرْعَوْنَ نَبِيَّيْنِ هُمَا مُوسَى وَهَارُونُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [26/ 16]، وَهُنَا جَمَعَ النُّذُرَ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ، وَلِلْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا أَجْوِبَةٌ، أَحَدُهَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ فِي أُصُولِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعَقَدَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
أَقَلُّ مَعْنَى الْجَمْعِ فِي الْمُشْتَهِرْ ** لَاثْنَانِ فِي رَأْيِ الْإِمَامِ الْحِمْيَرِيْ

قَالُوا: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [66/ 4]، وَلَهُمَا قَلْبَانِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [4/ 11]، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا كَمَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَوْلُهُ: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [20/ 130]، وَلَهُ طَرَفَانِ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنُّذُرِ مُوسَى وَهَارُونُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، لِأَنَّهُمَا عَرَضَا عَلَيْهِمْ مَا أَنْذَرَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ. وَمِنْهَا أَنَّ النُّذُرَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: التَّحْقِيقُ فِي الْجَوَابِ- أَنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا وَاحِدًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ، وَمَنْ كَذَّبَ نَذِيرًا وَاحِدًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ النُّذُرِ، لِأَنَّ أَصْلَ دَعْوَةِ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَضْمُونُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا أَوْضَحَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [16/ 36]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [21/ 25]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [43/ 45].
وَأَوْضَحَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ كَذَّبَ بَعْضَهُمْ فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [4/ 150]،، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [2/ 285]، وَقَوْلِهِ: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [2/ 136]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} الْآيَةَ [4/ 152].
وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ أَنَّ تَكْذِيبَ رَسُولٍ وَاحِدٍ تَكْذِيبٌ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [26/ 105]، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ لِلْمُرْسَلِينَ إِنَّمَا وَقَعَ بِتَكْذِيبِهِمْ نُوحًا وَحْدَهُ، حَيْثُ أَفْرَدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِلَى قَوْلِهِ: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} [26/ 106- 107]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [26/ 123]، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ بِتَكْذِيبِ هُودٍ وَحْدَهُ، حَيْثُ أَفْرَدَهُ بِقَوْلِهِ: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [26/ 124]، وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ صَالِحٍ وَقَوْمِهِ، وَلُوطٍ وَقَوْمِهِ، وَشُعَيْبٍ وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَيَزِيدُهُ إِيضَاحًا قَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ دِينُنَا وَاحِدٌ» يَعْنِي أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي الْأُصُولِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ شَرَائِعُهُمْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي: وَهُوَ كَوْنُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ، فَقَدْ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [7/ 132]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} [20/ 56]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى} [79/ 20- 21]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [27/ 12- 14].
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} فَقَدْ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [51/ 38- 40]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [20/ 78]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [2/ 50]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [11/ 102].
وَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} الْآيَةَ [11/ 102]،»، وَالْعَزِيزُ الْغَالِبُ، وَالْمُقْتَدِرُ: شَدِيدُ الْقُدْرَةِ عَظِيمُهَا.